*إن كنت محباً للرسول -صلى الله عليه وسلم*
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا الهادي البشير، محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد،،
المناسبات الإسلامية التي أحدثت أثراً كبيراً، وتحولاً عظيماً في تاريخ البشريّة كثيرة، أبرزها ذكرى المولد النبوي، فقد كانت ولادة النبي- صلى الله عليه وسلم- مشعل هداية للعالم بأسره، وقد جاء عليه الصلاة والسلام ليرسم للبشر طريق الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة، لأنه السِّراج المنير، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}، ولم يكن تأثير النبيّ الكريم مقتصرًا على الزمان الذي بُعث فيه؛ بل كان تأثيره في أهل مكة قبل البعثة النبويّة بأخلاقه وصدقه وأمانته حتّى لقبته قريش بالصادق الأمين، وقد اصطفى الله تعالى نبيه لتكون أخلاقه الحميدة، وسيرته العطرة سبب محبة الناس له عليه الصلاة والسلام، كما كانت السبب في دخول الكثير من الناس الإسلام، فقد صدقوه وآمنوا بدعوته والتفوا حوله يساندونه في الحقّ، فكانوا شعلة الإسلام الأولى، في مكّة المكرمة، وكانوا نواة الدولة الإسلامية الأولى – في المدينة المنورة- التي ملأت الأرض بعد ذلك عدلًا وخيرًا، ونشرت الإسلام في أصقاع الأرض، واليوم تأتي فرصة المولد النبوي في كل عام لتذكرة المسلمين بسيرة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-، وما عاشه من المعاناة برفقة صحابته الكرام، وما واجهوه من المشاق والصعوبات في سبيل نشر رسالة الإسلام، ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ مناسبة المولد فرصة ليزيد تمسّك الناس بالقرآن الكريم والسنّة النبوية المطهرة، وأن يسعى كلّ مسلم إلى السير على نهج النبوة، كما على كلّ أب وأم ومعلم مسلم أن يعلّم أطفاله وتلاميذه سيرة رسول الله وأخلاقه، وأن يروي لهم السيرة النبوية منذ بداية ظهور ملامح الإسلام الأولى، وحتّى رسوخ الحضارة الإسلاميّة جميع أنحاء الأرض، ولقد أشار القرآن إلى شخص النبي ومكانته في أكثر من موضع، للدلالة على عظمة النبي – صلى الله عليه وسلم- فنحن اليوم، ومع اشتداد الهجمة على شخص النبي وتشويه صورته يجب أن ندافع عنه بكل حكمة واقتدار، وإصرار، وعمل دؤؤب، والتزام تام بأخلاقه، قال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
أسأل الله العلي القدير أن يرزقنا وإيَّاكم بركة الصلاة على رسول الله- صلى الله عليه وسلم في حياتنا جميعاً، خيراً، وسعادة، ونوراً، وصلاحاً، وكل ذلك يكون إن كنت محباً للرسول- صلى الله عليه وسلم-.
*د. صادق قنديل*
*عميدكلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية غزة*.
*12ربيع الأول 1445ه*.